فصل: (فَصْلٌ: الْخُلْطَةُ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْغَنَمُ):

(وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ) وَهِيَ أَقَلُّ نِصَابِهَا إجْمَاعًا (فَتَجِبُ فِيهَا شَاةٌ) إجْمَاعًا (إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا شَاتَانِ) إجْمَاعًا (إلَى مِائَتَيْنِ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ) وِفَاقًا (إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ، فَيَجِبُ فِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ) لِمَا رَوَى أَنَسٌ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ الَّذِي كَتَبَهُ لَهُ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ «فِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ: فِي سَائِمَتِهَا، إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاةٌ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا شَاتَانِ، إلَى مِائَتَيْنِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ وَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةٍ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا إنْ شَاءَ رَبُّهَا» مُخْتَصَرٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَلَى هَذَا لَا تَتَغَيَّرُ بَعْدَ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَة، حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعَمِائَةٍ.
فَيَجِبُ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ فَالْوَقَصُ مَا بَيْنَ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ، وَهُوَ مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ (يُؤْخَذُ مِنْ مَعْزٍ: ثَنِيٌّ، وَمِنْ ضَأْنٍ: جَذَعٌ هُنَا) فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ (وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَتْ فِيهِ شَاةٌ) كَزَكَاةِ مَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ وَكَذَا لَوْ نَذَرَ شَاةً وَأَطْلَقَ (عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ) لِمَا رَوَى سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ قَالَ: «أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ الْجَذَعَةَ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيَّةَ مِنْ الْمَعْزِ» وَلِأَنَّهُمَا يُجْزِيَانِ فِي الْأُضْحِيَّةِ فَكَذَا هُنَا.
(وَلَا يُؤْخَذُ تَيْسٌ) وَلَوْ أَجْزَأَ الذَّكَرُ، لِنَقْصِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ (إلَّا فَحْلُ ضِرَابٍ) فَيُؤْخَذُ (لِخَيْرِهِ بِرِضَا رَبِّهِ، حَيْثُ يُؤْخَذُ ذَكَرٌ) بِأَنْ كَانَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا (وَيُجْزِئُ) أَخْذُهُ إذَنْ.
(وَلَا) تُؤْخَذُ (هَرِمَةٌ) أَيْ: كَبِيرَةٌ طَاعِنَةٌ فِي السِّنِّ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ (بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ) وَهِيَ الْمَعِيبَةُ، بِذَهَابِ عُضْوٍ أَوْ غَيْرَ عَيْبًا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}.
وَفِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ «وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسٌ إلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ يَرْوِيه بِفَتْحِ الدَّالِ مِنْ الْمُصَدَّقِ يَعْنِي الْمَالِكَ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا إلَى التَّيْسِ وَخَالَفَهُ عَامَّةُ الرُّوَاةِ فَقَالُوا بِكَسْرِهَا يَعْنِي السَّاعِي ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ (إلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ كُلُّهُ كَذَلِكَ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ مُوَاسَاةً وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهُ مَا لَيْسَ فِي مَالِهِ (وَلَا) تُؤْخَذُ (الرُّبَّى، وَهِيَ الَّتِي لَهَا وَلَدٌ تُرَبِّيهِ) قَالَهُ أَحْمَدُ وَقِيلَ: الَّتِي تُرَبَّى فِي الْبَيْتِ لِأَجْلِ اللَّبَنِ.
(وَلَا) تُؤْخَذُ (حَامِلٌ) لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَا تُؤْخَذُ الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضُ وَلَا الْأَكُولَةُ» (وَلَا طَرُوقَةُ الْفَحْلِ، لِأَنَّهَا تَحْمِلُ غَالِبًا وَلَا خِيَارُ الْمَالِ) أَيْ: نَفِيسِهِ لِشَرَفِهِ، وَلِحَقِّ الْمَالِكِ (وَلَا الْأَكُولَةُ، وَالسَّمِينَةُ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «: وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ يَسْأَلُكُمْ خَيْرَهُ وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ» رَوَاه أَبُو دَاوُد، وَلِهَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ: إذَا جَاءَ الْمُصَدِّقُ قَسَّمَ الشَّاءَ أَثْلَاثًا ثُلُثُ خِيَارٍ، وَثُلُثُ وَسَطٍ وَثُلُثُ شِرَارٍ وَأَخَذَ مِنْ الْوَسَطِ.
(وَلَا سِنَّ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ أَعْلَى مِنْهُ إلَّا بِرِضَا رَبِّهِ، كَبِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ) وَحِقَّةٍ عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ.
(وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ حَاجَةً، أَوْ مَصْلَحَةً، أَوْ فِي الْفِطْرَةِ أَوْ لَا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ: «خُذْ الْحَبَّ مِنْ الْحَبِّ، وَالْإِبِلَ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرَ مِنْ الْبَقَرِ، وَالْغَنَمَ مِنْ الْغَنَمِ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ أَبُو دَاوُد قِيلَ لِأَحْمَدَ: أَعْطِي دَرَاهِمَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ؟ فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ لَا يُجْزِئَ، خِلَافُ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنْ أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى مِنْ الْفَرْضِ مِنْ جِنْسِهِ أَجْزَأَ) لِحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتَانِي رَسُولُكَ، لِيَأْخُذَ مِنِّي صَدَقَةَ مَالِي فَزَعَمَ أَنَّ مَا عَلَيَّ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ نَاقَةً فَتِيَّةً سَمِينَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاكَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْك فَإِنْ تَطَوَّعْتَ بِخَيْرٍ آجَرَكَ اللَّهُ فِيهِ، وَقَبِلْنَاهُ مِنْكَ فَقَالَ: هَا هِيَ ذِهِ فَأَمَرَ بِقَبْضِهَا وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلِأَنَّهُ زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ جِنْسِهِ فَأَجْزَأَ، كَمَا لَوْ زَادَ فِي الْعَدَدِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ عُدُولٌ عَنْ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ (فَيُجْزِئُ مُسِنٌّ عَنْ تَبِيعٍ)، وَتُجْزِئُ (أَعْلَى مِنْ الْمُسِنَّةِ عَنْهَا، وَ) تُجْزِئُ (بِنْتُ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ وَ) تُجْزِئُ (حِقَّةٌ عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ، وَ) تُجْزِئُ (جَذَعَةٌ عَنْ حِقَّةٍ وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ عِنْدَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ) فِي الْبَابِ (وَتُجْزِئُ ثَنِيَّةٌ وَأَعْلَى مِنْهَا عَنْ جَذَعَةٍ) فَمَا دُونَهَا وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَتَقَدَّمَ (وَلَا جُبْرَانَ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ.

.(فَصْلٌ: الْخُلْطَةُ):

بِضَمِّ الْخَاءِ: الشَّرِكَةُ (فِي الْمَوَاشِي) دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ (لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الزَّكَاةِ: إيجَابًا وَإِسْقَاطًا) وَتَغْلِيظًا وَتَخْفِيفًا (فَتَصِيرُ الْأَمْوَالُ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ) لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ (فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ) فَيُضَمُّ أَحَدُ الْمَالَيْنِ إلَى الْآخَرِ فِيهِ، كَمَا يَأْتِي (دُونَ الْحَوْلِ) فَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِيهِ، بَلْ يُزَكَّى كُلُّ مَالٍ عِنْدَ حَوْلِهِ.
وَيَأْتِي بَيَانُهُ (فَإِذَا اخْتَلَطَ نَفْسَانِ) لِأَنَّ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ: الْوَاحِدَ، وَلَا خُلْطَةَ مَعَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ نَفْسَيْنِ (مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ) فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُكَاتَبًا أَوْ ذِمِّيًّا، فَلَا أَثَرَ لَهَا لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي مَالِهِ فَلَمْ يَكْمُلْ بِهِ النِّصَابُ (فِي نِصَابٍ) فَلَوْ كَانَ الْمَجْمُوعُ دُونَ نِصَابٍ لَمْ تُؤَثِّرْ سَوَاءً كَانَ لَهُ مَالُ غَيْرِهِ أَوْ لَا وَعُلِمَ مِنْهُ: التَّأْثِيرُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ، بِطَرِيقٍ أَوْلَى مِنْ الْمَاشِيَةِ فَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِي غَيْرِهَا وَيَأْتِي (حَوْلًا) كَامِلًا بِحَيْثُ (لَمْ يَثْبُت لَهُمَا) وَلَا لِأَحَدِهِمَا (حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِي بَعْضِهِ) لِأَنَّ الْخُلْطَةَ مَعْنًى يَتَعَلَّقُ بِهِ إيجَابُ الزَّكَاةِ، فَاعْتُبِرَتْ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ كَالنِّصَابِ (فَحُكْمُهُمَا) أَيْ: النَّفْسَيْنِ فَأَكْثَرَ (فِي الزَّكَاةِ حُكْمُ) الشَّخْصِ (الْوَاحِدِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمَا نَهَى الشَّارِعُ عَنْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ وَعَكْسِهِ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ (سَوَاءً كَانَتْ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ بِأَنْ يَمْلِكَا مَالًا) أَيْ: نِصَابًا مِنْ الْمَاشِيَةِ (مُشَاعًا بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَالْوَصِيَّةِ وَالْجَعَالَةِ وَالصَّدَاقِ وَالْمُخَالَعَةِ (أَوْ خُلْطَةِ أَوِصَافً، بِأَنْ يَكُونَ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزًا) بِصِفَةٍ أَوْ صِفَاتٍ.
(فَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِرَعْيِ غَنَمِهِ بِشَاةٍ مِنْهَا، فَحَالَ الْحَوْلُ وَلَمْ يُفْرِدْهَا) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ الْأَجِيرُ (فَهُمَا خَلِيطَانِ) فَعَلَى الْأَجِيرِ مِنْ الزَّكَاةِ بِنِسْبَةِ شَاتِهِ.
(وَلَوْ كَانَتْ لِأَرْبَعِينَ) نَفْسًا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ مُخْتَلِفِينَ (مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَخُلْطَةِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (أَرْبَعُونَ شَاةً مُخْتَلِطَةٌ، لَزِمَتْهُمْ شَاةٌ) بِالسَّوِيَّةِ (وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ لَا يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ) لِنَقْصِ النِّصَابِ.
(وَلَوْ كَانَ لِثَلَاثَةِ أَنْفُسِ: مِائَةٌ وَعِشْرُونَ) شَاةً (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (أَرْبَعُونَ شَاةً لَزِمَتْهُمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهَا، كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ (وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ) عَلَيْهِمْ (ثَلَاثُ شِيَاهٍ) عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ.
(وَيُوَزَّعُ الْوَاجِبُ) عَلَى الْخَلِيطَيْنِ فَأَكْثَرَ (عَلَى قَدْرِ الْمَالِ) الْمُخْتَلَطِ (مَعَ الْوَقَصِ فَسِتَّةُ أَبْعِرَةٍ مُخْتَلِطَةٍ مَعَ تِسْعَةٍ) فِي الْجَمِيعِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ (يَلْزَمُ رَبُّ السِّتَّةِ شَاةٌ وَخُمُسُ شَاةٍ وَيَلْزَمُ رَبُّ التِّسْعَةِ شَاةٌ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ) لِقَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ».
(وَيُشْتَرَطُ فِي تَأْثِيرِ خُلْطَةِ أَوْصَافٍ: اشْتِرَاكُهُمَا فِي مُرَاحٍ بِضَمِّ الْمِيمِ- وَهُوَ الْمَبِيتُ وَالْمَأْوَى أَيْضًا وَمَسْرَحٍ، وَهُوَ مَكَانُ اجْتِمَاعِهِمَا، لِتَذْهَبَ إلَى الْمَرْعَى، وَمَشْرَبٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ (وَهُوَ مَكَانُ الشُّرْبِ فَقَطْ) أَيْ: دُونَ زَمَانِهِ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اعْتِبَارِ الْمَشْرَبِ الْمُقْنِعَ وَأَبَا الْخَطَّابِ، وَصَاحِبَ التَّلْخِيصِ، وَالْوَجِيزِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ قَالَ فِي الْمُنْتَهَى تَبَعًا لِلتَّنْقِيحِ: لَا اتِّحَادَ مَشْرَبٍ وَرَاعٍ (وَمَحْلَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْمِيمِ.
(وَهُوَ مَوْضِعُ الْحَلْبِ) وَالْمِحْلَبُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الْإِنَاءُ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ خَلْطِ اللَّبَنِ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرْفَقٍ، بَلْ مَشَقَّةٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى قِسْمِ اللَّبَنِ وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى الرِّبَا (وَفَحْلٌ) مُعَدٍّ لِلضِّرَابِ.
(وَ) اشْتِرَاكُهُ (هُوَ عَدَمُ اخْتِصَاصِهِ فِي طَرْقِهِ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ مُتَّحِدًا وَلَا مُشْتَرِكًا (فَإِنْ اخْتَلَفَ) النَّوْعُ (كَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالْجَامُوسِ وَالْبَقَرِ لَمْ يَضُرَّ اخْتِلَافُ الْفَحْلِ لِلضَّرُورَةِ) لِاخْتِلَافِ النَّوْعَيْنِ.
(وَمَرْعَى، وَهُوَ مَوْضِعُ الرَّعْيِ وَوَقْتِهِ) فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ (وَرَاعٍ) قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ.
وَفِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُسْتَوْعِبِ (عَلَى مَنْصُوصِ أَحْمَدَ، وَالْحَدِيثُ) أَيْ: حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «الْخَلِيطَانِ: مَا اجْتَمَعَا عَلَى الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي» رَوَاه الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَجَعَلَ بَدَلَ الرَّاعِي الْمَرْعَى وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ الْعَمَلُ بِالْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَقَدَّمَ عَدَمَ اعْتِبَارِ الرَّاعِي وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُنْتَهَى (وَيَظْهَرُ أَنَّ اتِّحَادَهُ) أَيْ: الرَّاعِي (كَمَا فِي الْفَحْلِ) يُعْتَبَرُ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ دُونَ اخْتِلَافِهِ (وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ خُلْطَةٍ كَالْأَوْصَافِ وَالْأَعْيَانِ) الْكَافُ زَائِدَةٌ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَلْخُلْطَةِ نِيَّةٌ وَهُوَ فِي خُلْطَةِ الْأَعْيَانِ إجْمَاعٌ وَكَذَا فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ فِي الْأَصَحِّ وَاحْتَجَّ الْمُؤَلِّفُ- أَيْ: الْمُوَفَّقُ- بِنِيَّةِ الصَّوْمِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ: فِي خَلْطٍ وَقَعَ اتِّفَاقًا، أَوْ فَعَلَهُ رَاعٍ وَتَأَخُّرُ النِّيَّةِ عَنْ الْمِلْكِ (وَلَا) يُعْتَبَرُ أَيْضًا (خَلْطُ اللَّبَنِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، كَالْكَافِرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَدِينِ) دَيْنًا يَسْتَغْرِقُ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي مَالِهِ.
(وَلَا) أَثَرَ لِخُلْطَةٍ (فِيمَا دُونَ نِصَابٍ، وَلَا لِخُلْطَةِ الْغَاصِبِ) مَالَهُ (بِمَغْصُوبٍ) لِإِلْغَاءِ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَغْصُوبِ (فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِلْخُلْطَةِ: بَطَلَ حُكْمُهَا لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَصَارَ وُجُودُهَا كَالْعَدَمِ فَيُزَكِّي كُلُّ وَاحِدٍ مَالَهُ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، وَإِلَّا فَلَا.
(أَوْ ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، كَأَنْ اخْتَلَطَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فِي نِصَابَيْنِ بَعْدَ انْفِرَادِهِمَا، زَكَّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدَيْنِ فِيهِ) فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ أَرْبَعِينَ شَاةً فِي الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ اخْتَلَطَا وَتَمَّ الْحَوْلُ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةٌ، تَغْلِيبًا لِلِانْفِرَادِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
(وَ) يُزَكِّيَانِ (فِيمَا بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ (زَكَاةَ الْخُلْطَةِ) لِعَدَمِ الِانْفِرَادِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَوْلِ (وَإِنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَحْدَهُ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ نِصَابٌ) أَرْبَعُونَ شَاةً مَثَلًا (وَلِآخَرَ دُونَهُ) كَعِشْرِينَ (ثُمَّ اخْتَلَطَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْأَوَّلِ) مُنْذُ مِلْكِ النِّصَابِ (فَعَلَيْهِ شَاةُ) زَكَاةِ مَالِهِ (وَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي) مِنْ الْخُلْطَةِ (فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ) وَهِيَ ثُلُثُ شَاةٍ فِي الْمِثَالِ، إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ أَخْرَجَ الشَّاةَ مِنْ الْمَالِ فَيَلْزَمُ الثَّانِي عِشْرُونَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ (أَوْ يَمْلِكُ نَفْسَانِ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْبَعِينَ شَاةً، فَخَلَطَاهَا فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ مُضِيِّ زَمَنٍ) قَبْل الْخَلْطِ (إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ.
(ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ) شَخْصًا (أَجْنَبِيًّا) غَيْرَ شَرِيكِهِ فَشَرِيكُ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِانْفِرَادِ، وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَثْبُتْ لَهُ (أَوْ يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ مُنْفَرِدٌ، فَيَشْتَرِي الْآخَرُ نِصَابًا وَيَخْلِطُهُ بِهِ فِي الْحَالِ، كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي) فِي الْمِثَالَيْنِ (مَلَكَ أَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةً لَمْ يَثْبُت لَهَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ) فِي وَقْتٍ مِنْ الْحَوْلِ (فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْأَوَّلُ، لَزِمَهُ زَكَاةُ انْفِرَادِ شَاةٍ، وَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُشْتَرِي، لَزِمَهُ زَكَاةُ خُلْطَةٍ) لِكَوْنِهِ لَمْ يَزَلْ مُخَالِطًا (نِصْفِ شَاةٍ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهَا) أَيْ: الشَّاةَ (مِنْ غَيْرِ الْمَالِ) الْمَخْلُوطِ.
(وَإِنْ): كَانَ الْأَوَّلُ (أَخْرَجَهَا) أَيْ: الشَّاةَ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَالِ (لَزِمَ الثَّانِي أَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ) لِأَنَّ حَوْلَهُ قَدْ تَمَّ عَلَى تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ شَاةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ شَاةً فَلَزِمَهُ مِنْ الشَّاةِ أَرْبَعُونَ جُزْءًا (ثُمَّ يُزَكِّيَانِ فِيمَا بَعْد ذَلِكَ الْحَوْلِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ) لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ بِشَرْطِهَا (كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا، فَعَلَيْهِ) مِنْ الزَّكَاةِ (بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْهَا) وَلَا يَنْتَظِرُ الْأَوَّلُ حَوْلَ الثَّانِي، لِأَنَّ الزَّكَاةَ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَقْدِيمُ زَكَاتُهُ إلَى رَأْسِ حَوْلِ شَرِيكِهِ، لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا قَبْلَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَلَوْ كَانَ لِلْأَوَّلِ أَرْبَعُونَ شَاةً وَلِلثَّانِي ثَمَانُونَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثُ شَاةٍ وَعَلَى الثَّانِي: ثُلُثَاهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا.
(وَأَبَيْنَ) أَيْ: أَوْضَحَ (مِنْ هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ) السَّابِقِينَ (لَوْ مَلَكَ نِصَابَيْنِ) ثَمَانِينَ شَاةً (شَهْرًا) أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمْ مُشَاعًا) كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (فَيَثْبُت لَهُ حُكْمُ الِانْفِرَادِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي).
(وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصَابُ خُلْطَةٍ ثَمَانُونَ شَاةً، فَبَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَنَمَهُ غَنَمَ صَاحِبِهِ، وَاسْتَدَامَا الْخُلْطَةَ، لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُمَا) لِأَنَّ إبْدَالَ الْمَالِ بِجِنْسِهِ لَا يَقْطَعْهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَمْ يَزُلْ خَلْطُهُمَا) لِعَدَمِ انْقِطَاعِ الْحَوْلِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ فِيمَا اشْتَرَى، بِبِنَائِهِ عَلَى حَوْلِ الْمَبِيعِ، فَيَجِبُ أَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ فِي الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، وَهِيَ صِفَةُ الْخُلْطَةِ (وَكَذَا لَوْ تَبَايَعَا الْبَعْضُ) مِنْ ذَلِكَ (بِالْبَعْضِ) لِمَا سَبَقَ (قَلَّ) الْمَبِيعُ (أَوْ كَثُرَ) أَوْ تَبَايَعَا الْكُلُّ بِالْبَعْضِ، لِعَدَمِ الْفَرْقِ.
(وَلَوْ مَلَكَ رَجُلٌ نِصَابًا شَهْرًا) مَثَلًا (ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ) مَثَلًا (مُشَاعًا، أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ: عَيْنِهِ (وَبَاعَهُ مُخْتَلِطًا انْقَطَعَ الْحَوْلُ، وَيَسْتَأْنِفَانِهِ مِنْ حِينِ الْبَيْعِ) لِأَنَّهُ قَدْ انْقَطَعَ فِي النِّصْفِ الْمَبِيعِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ أَصْلًا، فَلَزِمَ انْقِطَاعُ الْحَوْلِ فِي الثَّانِي (إنْ أَفْرَدَ بَعْضَهُ وَبَاعَهُ ثُمَّ اخْتَلَطَا، انْقَطَعَ الْحَوْلُ، قَلَّ زَمَنُ الِانْفِرَادِ أَوْ كَثُرَ) حَتَّى وَلَوْ قِيلَ: لَا يَنْقَطِعُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
(وَلَوْ مَلَكَ) حُرٌّ مُسْلِمٌ (نِصَابَيْنِ شَهْرًا، ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا مُشَاعًا) بِأَنْ بَاعَ نِصْفَ الثَّمَانِينَ (ثَبَتَ لِلْبَائِعِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْبَائِعِ (عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةٌ: مُنْفَرِدٌ) لِثُبُوتِ حُكْمِ الِانْفِرَادِ لَهُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي إذَا تَمَّ حَوْلَهُ: زَكَاةُ خَلِيطٍ.
(وَلَوْ كَانَ الْمَالُ سِتِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة، وَالْمَبِيعُ ثُلُثُهَا: زَكَّى الْبَائِعُ) إذَا تَمَّ حَوْلُهُ زَكَاةَ انْفِرَادٍ (بِشَاةٍ) وَزَكَّى الْمُشْتَرِي إذَا تَمَّ حَوْلُهُ بِثُلُثِ شَاةٍ، إنْ أَخْرَجَ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي الْمِثَالِ: نِصْفَهَا، انْقَطَعَ حَوْلُ الْبَائِعِ وَاسْتَأْنَفَا حَوْلًا.
(وَإِذَا مَلِك نِصَابًا شَهْرًا ثُمَّ مَلَكَ) نِصَابًا (آخَرَ لَا يَتَغَيَّر بِهِ الْفَرْضُ مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فِي الْمُحَرَّمِ، وَأَرْبَعِينَ) شَاةً (فِي صَفَرٍ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَوَّلِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ) وَهِيَ شَاةٌ لِانْفِرَادِهَا فِي بَعْضِ الْحَوْلِ.
(وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي) لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِلْكٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يَزِدْ فَرْضُهُ عَلَى شَاةٍ كَمَا لَوْ اتَّفَقَتْ أَحْوَالُهُ وَلِلْعُمُومِ فِي الْأَوْقَاصِ (وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مِائَةَ شَاةٍ، فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ حَوْلَهُ) كَمَا لَوْ اتَّفَقَتْ أَحْوَالُهُ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يُجْعَلَا كَالْمَالِ الْوَاحِدِ لِمَالِك، أَوْ كَمَالَيْنِ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ: يَجِبُ شَاةٌ أُخْرَى بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلهَا.
(وَقَدْرُهَا) أَيْ: زَكَاةِ الثَّانِي (بِأَنْ تَنْظُرَ إلَى زَكَاةِ الْجَمِيعِ) وَهُوَ فِي الْمِثَالِ: مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَزَكَاتُهُ: شَاتَانِ (فَتَسْقُطُ مِنْهَا مَا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ) وَهُوَ شَاةٌ (وَيَجِبُ الْبَاقِي فِي الثَّانِي، وَهُوَ شَاةٌ) فَيُخْرِجُهَا.
(وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ وَلَا يَبْلُغُ نِصَابًا مِثْل أَنْ يَمْلِكَ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ فِي الْمُحَرَّمِ، وَعَشْرًا) مِنْ الْبَقَرِ (فِي صَفَرٍ فَعَلَيْهِ) فِي الثَّلَاثِينَ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا تَبِيعٌ، أَوْ تَبِيعَةٌ.
وَ(فِي الْعَشْرِ إذَا تَمَّ حَوْلَهَا- زَكَاةُ خُلْطَةٍ: رُبُعُ مُسِنَّةٍ) لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْمُسِنَّةِ قَدْ كَمُلَتْ وَقَدْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الثَّلَاثِينَ فَوَجَبَ فِي الْعَشْرِ بِقِسْطِهَا مِنْ الْمُسِنَّةِ، وَهُوَ رُبُعُهَا.
(وَإِنْ مَلَكَ مَالًا يَبْلُغُ نِصَابًا، وَلَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ، كَخَمْسٍ) مِنْ الْبَقَرِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ مِنْهَا (فَلَا شَيْءَ فِيهَا) أَيْ: الْخَمْسِ لِأَنَّهَا وَقَصٌ (وَكَمَا لَوْ مَلَكَهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً) وَمِثْلُهُ لَوْ مَلَكَ عِشْرِينَ شَاةً بَعْدَ أَرْبَعِينَ (مِنْهَا أَوْ مَلَكَ عَشْرًا مِنْ الْبَقَرِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ مِنْهَا، فَلَا شَيْءَ فِيهَا) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِذَا كَانَ بَعْضُ مَالِ الرَّجُلِ) أَوْ الْخُنْثَى أَوْ الْمَرْأَةِ (مُخْتَلِطًا، وَ) كَانَ (بَعْضُهُ الْآخَرُ مُنْفَرِدًا أَوْ مُخْتَلِطًا مَعَ مَالٍ لِرَجُلٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَالُهُ كُلُّهُ كَالْمُخْتَلِطِ، إنْ كَانَ مَالُ الْخُلْطَةِ نِصَابًا، وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُ الْخُلْطَةِ نِصَابًا (لَمْ يَثْبُتُ حُكْمُهَا) لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِيمَا دُونَ نِصَابٍ.
(وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ سِتُّونَ شَاةً) بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ، أَوْ مَحَالَّ مُتَقَارِبَةٍ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (كُلُّ عِشْرِينَ مِنْهَا مُخْتَلِطَةٌ بِعِشْرِينَ لِآخِرِ فَعَلَى) الشُّرَكَاءِ (الْجَمِيعِ شَاةٌ، نِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ) لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ الْمَالِ (وَنِصْفُهَا عَلَى خُلَطَائِهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سُدُسُ شَاةٍ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَهُ عِشْرُونَ وَهِيَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ (ضَمًّا لِمَالِ كُلِّ خَلِيطٍ إلَى مَالِ الْكُلِّ فَيَصِيرُ) جَمِيعُ الْمَالِ (كَمَالٍ وَاحِدٍ) قَالَهُ الْأَصْحَابُ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ عَشْرٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السِّتِّينَ (مُخْتَلِطَةً بِعَشْرٍ لِآخَرَ، فَعَلَيْهِ) أَيْ رَبِّ السِّتِّينَ (شَاةٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَى خُلَطَائِهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِطُوا فِي نِصَابٍ) فَلَمْ تُؤَثِّر الْخُلْطَةُ، لِفَوَاتِ شَرْطِهَا.
(وَإِذَا كَانَتْ مَاشِيَةُ الرَّجُلِ مُتَفَرِّقَةً فِي بَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ لَا تُقْصَرُ بَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَهِيَ كَالْمُجْتَمِعَةِ) يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَيُزَكِّيهَا قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ قَصْرٍ، فَلِكُلِّ مَالٍ حُكْمُ نَفْسِهِ) فَإِنْ كَانَ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا لِجَعْلِ التَّفْرِقَةِ فِي الْبَلَدَيْنِ كَالتَّفْرِقَةِ فِي الْمِلْكَيْنِ فَلِهَذَا قَالَ: (كَمَا لَوْ كَانَا لِرَجُلَيْنِ) احْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ» الْخَبَرَ وَعِنْدَنَا أَنَّ مَنْ جَمَعَ أَوْ فَرَّقَ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَلِأَنَّ كُلَّ مَالٍ يَنْبَغِي تَفْرِقَتُهُ بِبَلَدِهِ فَتَعَلَّقَ الْوُجُوبُ بِهِ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ غَيْرِ أَحْمَدَ.
(وَلَا تُؤَثِّرُ تَفْرِقَةُ الْبُلْدَانِ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (وَلَا الْخُلْطَةُ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ) نَصَّ عَلَيْهِ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَاشِيَةِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ تَقِلُّ بِجَمْعِهَا تَارَةً وَتَكْثُرُ أُخْرَى وَسَائِرُ الْأَمْوَالِ تَجِبُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ فَلَا أَثَرَ لِجَمْعِهَا وَلِأَنَّ خُلْطَةَ الْمَاشِيَةِ تُؤَثِّرُ نَفْعًا تَارَةً، وَضَرَرًا أُخْرَى وَغَيْرُ الْمَاشِيَةِ لَوْ أَثَّرَتْ فِيهِ الْخُلْطَةُ لَأَثَّرَتْ ضَرَرًا مَحْضًا بِرَبِّ الْمَالِ، لِعَدَمِ الْوَقَصِ فِيهَا.
(وَ) يَجُوزُ (لِلسَّاعِي أَخْذُ الْفَرْضِ مِنْ مَالِ أَيِّ الْخَلِيطَيْنِ شَاءَ) لِأَنَّ الْجَمِيعَ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ (مَعَ الْحَاجَةِ) بِأَنْ تَكُونَ الْفَرِيضَةُ عَيْنًا وَاحِدَةً، لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا إلَّا مِنْ أَحَدِ الْمَالَيْنِ، أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا صِغَارًا وَالْآخَرُ كِبَارًا (وَعَدَمَهَا) أَيْ عَدَمَ الْحَاجَةَ بِأَنْ يَجِدَ فَرْضَ كُلٍّ مِنْ الْمَالَيْنِ فِيهِ نَصَّ أَحْمَدُ لِذَلِكَ.
(وَلَوْ بَعْدَ قِسْمَةٍ فِي خُلْطَةِ أَعْيَانٍ، وَقَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ (مَعَ بَقَاءِ النَّصِيبَيْنِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» أَيْ إذَا أَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا وَلِأَنَّ الْمَالَيْنِ قَدْ صَارَا كَالْمَالِ الْوَاحِدِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَكَذَا فِي إخْرَاجِهَا وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، لَيْسَ لِلسَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (وَيُرْجِعَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ عَلَى خَلِيطِهِ) لِلْخَبَرِ (بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ يَوْمَ أُخِذَتْ) لِزَوَالِ مِلْكِهِ إذَنْ.
وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ (فَإِذَا) كَانَ الْمَالُ أَثْلَاثًا، وَ(أَخَذَ) السَّاعِي (الْفَرْضَ مِنْ مَالِ رَبِّ الثُّلُثِ رَجَعَ) رَبُّ الثُّلُثِ (بِقِيمَةِ ثُلُثَيْ الْمُخْرَجِ عَلَى شَرِيكِهِ) صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ.
(وَإِنْ أَخَذَهُ) أَيْ أَخَذَ السَّاعِي الْفَرْضَ (مِنْ الْآخَرِ) رَبِّ الثُّلُثَيْنِ (رَجَعَ) عَلَى شَرِيكِهِ (بِقِيمَةِ ثُلُثِهِ) أَيْ الْمُخْرَجِ لِأَنَّ لَهُ ثُلُثَ الْمَالِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي) قَدْرِ (قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ) (فَـ) الْقَوْلُ (قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ غَارِمٌ (مَعَ يَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ شَرِيكِهِ (إذَا اُحْتُمِلَ صِدْقُهُ) فِيمَا ذَكَرَهُ قِيمَةً، وَإِلَّا رُدَّ، لِتَكْذِيبِ الْحِسِّ لَهُ (وَ) مَحَلِّهِ: إذَا (عُدِمَتْ الْبَيِّنَةُ) لِأَنَّهَا تَرْفَعُ النِّزَاعَ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا تَقُولُهُ.
(وَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي أَكْثَرَ مِنْ الْفَرْضِ بِلَا تَأْوِيلٍ، كَأَخْذِهِ عَنْ أَرْبَعِينَ) شَاةً، لِاثْنَيْنِ (مُخْتَلِطَةٍ: شَاتَيْنِ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا، أَوْ عَنْ ثَلَاثِينَ بَعِيرًا: جَذَعَةً، رَجَعَ) الْمَأْخُوذُ مِنْهُ (عَلَى خَلِيطِهِ فِي الْأُولَى) أَيْ مَسْأَلَةِ الْأَرْبَعِينَ شَاةً (بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ وَ) رَجَعَ (فِي الثَّانِيَة) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ ثَلَاثِينَ بَعِيرًا (بِقِيمَةِ نِصْفِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَلَمْ يَرْجِعْ) عَلَى خَلِيطِهِ (بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا ظُلْمٍ، فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ) وَخَلِيطُهُ لَمْ يَظْلِمْهُ وَلَمْ يَتَسَبَّبْ فِي ظُلْمِهِ.
(وَإِذَا أَخَذَهُ) أَيْ أَخَذَ السَّاعِي الزَّائِدَ (بِتَأْوِيلٍ، كَأَخْذِهِ صَحِيحَةً عَنْ مِرَاضٍ، أَوْ) أَخْذِهِ (كَبِيرَةً عَنْ صِغَارٍ، أَوْ) أَخْذِهِ (قِيمَةَ الْوَاجِبِ رَجَعَ) الْمَأْخُوذُ مِنْهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى خَلِيطِهِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا أَخَذَ، لِأَنَّ السَّاعِيَ نَائِبُ الْإِمَامِ فِعْلُهُ كَفِعْلِهِ؛ وَلِهَذَا لَا يَنْقُصُ لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ، كَمَا فِي الْحَاكِمِ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: مَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ: وَجَبَ دَفْعُهُ، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي مَحِلِّ الِاجْتِهَادِ سَائِغٌ نَافِذٌ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِمُسَوِّغَاتِهِ.
(وَيُجْزِئُ) أَخْذُ السَّاعِي الْقِيمَةَ (وَلَوْ اعْتَقَدَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ السَّاعِي نَائِبُ الْإِمَامِ، وَفِعْلُهُ كَحُكْمِهِ، فَيُرْفَعُ الْخِلَافُ (وَمَنْ بَذَلَ الْوَاجِبَ) عَلَيْهِ، خَلِيطًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (لَزِمَ) السَّاعِي (قَبُولُهُ) مِنْهُ (وَلَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ) لِأَدَائِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.
(وَيُجْزِئ إخْرَاجُ بَعْضِ الْخُلَطَاءِ) الزَّكَاةَ (بِدُونِ إذْنِ بَقِيَّتِهِمْ، مَعَ حُضُورِهِمْ وَغَيْبَتِهِمْ) لِأَنَّ عَقْدَ الْخُلْطَةِ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَالْإِذْنِ لِخَلِيطِهِ فِي الْإِخْرَاجِ عَنْهُ (وَالِاحْتِيَاطُ) أَنْ يَكُونَ إخْرَاجُ أَحَدِهِمْ (بِإِذْنِهِمْ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ: لَا يُجْزِئُ إلَّا بِهِ كَابْنِ حَمْدَانَ.
(وَمَنْ أَخْرَجَ مِنْهُمْ) أَيْ الْخُلَطَاءِ (فَوْقَ الْوَاجِبِ لَمْ يَرْجِعْ بِالزِّيَادَةِ) عَلَى خُلَطَائِهِ، لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَفْظًا وَحُكْمًا.
تَتِمَّةٌ إذَا أَخَذَ السَّاعِي فَرْضًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، هَلْ هُوَ عَنْ الْخَلِيطَيْنِ أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا؟ عَمَلَ كُلٌّ فِي التَّرَاجُعِ بِمَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِيهِ، لِفِعْلِ السَّاعِي، فَعِشْرُونَ شَاةً خُلْطَةٌ بِسِتِّينَ فِيهَا رُبْعُ شَاةٍ، فَإِذَا أَخَذَ الشَّاةَ مِنْ السِّتِّينَ رَجَعَ رَبُّهَا بِرُبْعِ الشَّاةِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْعِشْرِينَ رَجَعَ رَبُّهَا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا، لَا بِقِيمَتِهَا كُلِّهَا، وَلَا تَسْقُطُ زِيَادَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بِأَخْذِ السَّاعِي مُجْمَعًا عَلَيْهِ، كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ خُلْطَةٍ بَيْنَهُمَا تَلَفَ سِتُّونَ عَقِبَ الْحَوْلِ، فَأَخَذَ نِصْفَ شَاةٍ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالنِّصَابِ وَالْعَفْوِ، وَجَعَلَهُ لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرًا، لَزِمَهُمَا إخْرَاجُ نِصْفِ شَاةٍ ذَكَرَهُمَا فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ.